171) ... من حضن رب العالمين

طال المكوث بالبيت .. وسئمت التنقل ما بين سريري البني اللون -بستائرة المختلطة الألوان بين سحب السماء وزرقتها- وبين كنبتي الصفراء -المعروفة- لا أنام إلا قليلا .. تارة من الألم .. وتارة من الأمل أن يأتي الفجرالجديد وأجدني قد استعدت صحتي وكامل قوتي .. فكرت الليلة كنوع من التغيير أن أعيد قراءة كتاب من أروع ما قرأت .. وقد حرصت بالفعل علي إعادة قراءته كلما أتاحت لي الفرصة .. والحقيقة أنها لا تتاح إلا في أضيق الحدود نظرا لضيق الوقت .. وعظم الكتاب حجما (فهو مجلد يتكون من 5 كتب) ومضمونا - فقد كان له أثر كبير في تكوين بعض شخصيتي ..

وأخيرا حانت لحظة اللقاء .. وما أن أمسكت بالكتاب الأول (كتاب العلم) من المجلد العبقري إحياء علوم الدين .. حتي بدأ الرنين .. وكانت نيرمين (أقرب صديقاتي إلي) .. تحدثنا .. تناقشنا .. وضحكنا ضحكا شديدا كعادتنا .. ثم ودعتني وتركتني لأستريح .. فرجعت مشتاقة إلي كتابي لأجد عنده راحتي .. مسكته بيدي .. وملقته بعيناي .. وبدأت رحلتي مع الصفحات الأولي .. فوقعت عيناي أول ما وقعت علي حديث صحيح .. ووجدني قد علمت عليه علامة في قراءتي السابقة .. وبدأت أقرأ .. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم

"من أوتي القرآن فرأي أن أحدا أوتي خيرا منه فقد حقر ما عظم الله"

.. لم أعلق .. ولكن الله .. الله وحده يعلم ما دار بداخلي في هذه اللحظة .. وبكيت .. بكيت .. حتي أنني شعرت بشئ من التعب .. فتركت الكتاب .. وأصبحت علي موعد مع مصحفي لقراءة ورد قصير قبل النوم .. لا أستطيع أن أطيل التلاوة اليوم .. سأكتفي بقدر بسيط لحتي لا ينقطع الوصال .. وفتحت المصحف علي آخر آية قرأتها بالأمس .. لتصادفني هذه الآية الكريمة من سورة فاطر ..

"ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا"

.. فبكيت .. وبكيت .. وبكيت بكاء منهمر .. وشعرت .. شعرت وكأنني في حضن رب العالمين .. ثم لم أقوي بعدها علي القراءة ولا علي أي شئ .. وتملكني إحساس وحيد!ا

خليني بقي في حضنك كدا علي طول يا رب .. ماتسبنيش!ا

تمتمت .. ابتسمت :) .. ونمت
...