
إنتهيت من عملي بالطابق العلوي -بالتحديد الطابق الثالث- كان يوما طويلا وشاقا .. وكان أول أيام الشتاء (21 ديسمبر 2010) .. لملمت نفسي .. وأشيائي وكتبي .. وهممت بالنزول .. إجتاحني إحساس غريب .. جديد .. فريد .. جمعت بين إحساس ببرد شديد .. وإحساس آخر لا أظن أن يقدر علي وصفه أحد سواي .. بل حتي أنا لم استطع وصفه .. قابلتني دادة حبيبة وأنا في طرقي إلي سلم النزول .. قرأت في عينها قلقا .. ورأيت علي وجهها الدهشة ..
وفاجأتني سائلة: "بسم الله الرحمن الرحيم .. مالك يا ميس رواني"؟
وأجبت شاردة: "مش عارفة يا دادة .. مش عارفة" وربت علي كتفها لتتركني أمر
استطردت وقالت: "طب أقعدي يا بنتي .. هأعملك حاجة ساخنة حالا .. شكلك حضرتك أخدتي برد" .. وحاولت استبقائي
ترقرقت دموع في عيني وقلت: "لأ يا دادة .. لأ.. أنا تأخرت .. هأروح أحسن" سلام
دادة حبيبة: "طيب يا بنتي خللي بالك علي نفسك .. ربنا يجعلك في كل خطوة سلامة" إبقي طمنيني!!ا
ونزلت .. ولكنني قبل أن أغادر المكان لمحت المكتبة علي الشمال .. تباطأت خطاي .. ونظرت نظرة شاردة .. وفجأة سمعت صوت
عم حسن (بتاع الأمن) قائلا بطريقته المرحة: " إتفضلي يا أستاذتنا .. إتفضلي " إتفضلي
تملقته في ذهول وتساءلت: "أتفضل فين"؟
عم حسن: "إتفضلي المحاضرة إبتدت" وضحك كعادته
أجبته بدوري في شرود واستنكار: "محاضرة إيه يا عم حسن!"؟
عم حسن:"مش عارف :)) بس فيه ناس جوة" هه
فقلت بتلقائية: "زحمة!"؟
وعنئذ .. أشارت إلي زميلتي من المكتبة وضحكت مرحبة بي .. تبادلنا السلام وبعض الكلام .. وبعد .. دعتني للحضور مؤكدة أنها محاضرة ممتازة ومفيدة .. ترددت برهة .. كنت متعبة .. فأصرت هي .. فبقيت أنا بين الإقبال والإدبار .. الإدبار والإقبال .. وأخيييييرا دخلت! ورأيتك! نعم تلاقينا .. وهكذا يأتي لقاءنا الأول في بيت من بيوت الله!! .. تفاءلت بالملائكة التي تحف المكان من جميع الجهات
وبدا لي أن القدر يأبي إلا أن يلقي بكل منا في طريق الآخر
رأيتك .. واستمعت إليك طويييلا .. شكلك الذي جذبني لم يعد عندي ذا موضوع .. بل بت أنت نفسك كلك بشخصك وشخصيتك المتزنة .. وذهنك الصافي .. وذكائك غير المدعي .. وخلقك القويم .. ونفسك الخيرة .. وأشياء كثيرة
كثيييييرة لا أستطيع حصرها .. كله أصبح جملة واحدة
وبدا لي أن القدر يأبي إلا أن يلقي بكل منا في طريق الآخر
تأملت ملامحك النبيلة .. منكباك العريضان .. إبتسامتك اللطيفة التي لا تغرب عن شفتيك
! .. وسلط عليك نظرتي
والمعروف أنه عندما تسلط نظرتك علي إنسان .. لابد أن يحس بك ولو كنت بين ملايين
ولقد أحسست بي .. ورمقتني بنظرة سريعة .. ثم بنظرة أطول
فأخذت أنظر إليك بنظرة أوضح .. وأفحص .. وأشمل
وبدا لي أن القدر يأبي إلا أن يلقي بكل منا في طريق الآخر
...